
نينوى
بعشيقة وبحزاني
ناحية بعشيقة، الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي من قضاء الموصل بمحافظة نينوى، تمثل لوحة من التنوع الثقافي الساحر. يبلغ عدد سكان الناحية حوالي 150,000 نسمة، منهم نحو 40,000 يقيمون في المركز. نسيج بعشيقة وبحزاني الثقافي ينبض بالحياة، ويمتاز بتنوع الأديان والأعراق؛ مع غالبية يزيدية، تعتبر بعشيقة موطناً للمسلمين والمسيحيين. من الناحية الإثنية، تتمتع هذه المنطقة بتنوع كبير، ابتداءً من العرب والأكراد وصولاً إلى السريان والأشوريين والتركمان والشبك، وتضفي المناسبات الدينية، مثل رأس السنة الأيزيدية وعيد الميلاد والأعياد الإسلامية، روحاً من الفرح والتماسك الثقافي.
تحتفظ الاحتفالات في بعشيقة وبحزاني بطابعها التقليدي؛ حيث تجتمع العائلات على المأكولات الشعبية، وترقص الدبكة وسط أجواء مليئة بالسحر الموسيقي. تتسم الاحتفالات الأيزيدية بطابع موسيقي خاص يحمل بصمة دينية، بينما تضفي الترانيم المسيحية روحاً من التأمل والسكينة. وتعد الموسيقى الفلكلورية في بعشيقة وبحزاني تعبيراً حيوياً، إذ تُعزف على آلات مثل الدف، والشبابة، والطبل، والزرنة، والمطبق، والربابة، والطنبور (الساز). يعتمد نقل هذا الفن من جيل إلى آخر على المشاركة المباشرة في الفعاليات أو التعلم التقليدي، حيث تلعب الموسيقى دوراً أساسياً في الهوية الدينية للأيزيديين، ولا تكتمل أي مناسبة، سواء كانت مفرحة أو حزينة، دون أنغام الموسيقى الفلكلورية.
في الماضي، كانت الأغاني الزراعية ترافق أعمال الحصاد والفلاحة، على الرغم من أن الآلات الحديثة قد قلّصت من هذا التقليد. باستثناء آلة الدف التي ما زالت تُصنع بشكل محلي، ارتفع معدل استيراد الآلات الموسيقية في بعشيقة. يأمل الفنانون بأن تكون صناعة الآلات حاضرة أكثر في المنطقة، الأمر الذي سيفتح آفاقاً أمام الموسيقيين وصانعي الآلات.
الآلات

الدف الأيزيدي
من الآلات المقدسة عند الديانة الأيزيدية، وهي آلة إيقاعية مصنوعة من قطعة خشب مستديرة ومفرّغة، متوسطة العرض وتحمل عدداً من الصنوج وهي دوائر نحاسية هدفها إصدار رنين معين عند الضرب على الدف. تُشد على الخشبة قطعة من جلود البقر أو الماعز أو الغنم. يقول الأيزيديون أن الإله الأوحد طاف مع الملائكة أثناء خلقه للكون عبر الدف، ومن هنا تأتي قدسيته. ما زال الأيزيديون يستخدمون الدف في الصلوات والاحتفالات الدينية، ومن يعزف على الآلات المقدسة يطلق عليه اسم “القوّال”.

الساز / الطنبور
آلة وترية من عائلة الأعواد ذات العنق الطويل وتُعرف آلات هذه العائلة أيضاً بالطنبور. آلة الساز موجودة في الثقافة الأيزيدية، والكردية والتركية ولها أهمية كبيرة في الموروث الموسيقي الشعبي والديني. تتألف من صندوق صوتي يُصنع غالباً من شجر الجوز والتوت، ومن وجه يُصنع من شجر التنوب، ولها زند/عنق طويل يُصنع من خشب الزان. يحمل الزند ربطات سوداء اسمها دساتين وهدفها تحديد مواضع النغمات. يتم وضع سبعة أوتار على آلة الساز وتربط في نهاية العنق عبر مفاتيح حديدية.

الناي (الشبابة عند الأيزيديين)
آلة موسيقيّة نفخيّة مصنوعة من القصب البرّي، ظهرت قديماً في مصر والعراق وبلاد الشام، ولا يُعرف بالتحديد الزمن أو الحضارة الأولى التي ظهرت فيها. هذه الآلة هي واحدة من عائلة الآلات النفخية القصبية، وما يميزها هو طول القصبة التي تحتوي على تسع عقد وستة ثقوب وثقب سابع في الجانب الخلفي. تنفرد آلة الناي بأنها من الآلات الشعبية القليلة جداً، التي دخلت الموسيقى العربية الكلاسيكية وأصبحت جزءاً أساسياً من آلات التخت الشرقي.